الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
55 {شُرْبَ الْهِيمِ}: الإبل العطاش. والهيام: داء تشرب معه الإبل فلا تروى.58 {تُمْنُونَ} منى وأمنى: أراق، و(منى) لإراقة الدّماء بها.60 {نَحْنُ قَدَّرْنا}: كتبنا الموت على مقدار.61 {وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ}: نخلقكم في أيّ خلق شئنا من ذكورة أو أنوثة أو حسن أو قبح.65 {حُطامًا}: هشيما يابسا لا حبّ فيه.{تَفَكَّهُونَ}: تندّمون في لغة تميم. وقيل: تعجبون.71 {تُورُونَ}: الإيراء استخراج النّار من الزّند. وفي حديث علي رضي اللّه عنه على ذكر النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «أورى قبسا لقابس» أي: أظهر نورا من الحق.73 {تَذْكِرَةً}: تذكركم النّار الكبرى، {وَمَتاعًا}: في الاستضاءة، والاصطلاء. والإنضاج، والتحليل... وغيرها من الإذابة والتعقيد والتكليس. وأقوى من الأضداد أغنى وافتقر ولذلك اختلف في تفسيره بالمسافرين وبالمستمتعين.75 {بِمَواقِعِ النُّجُومِ}: مطالعها ومساقطها. أو انتثارها يوم القيامة.أو هو نجوم القرآن، نجّمه جبريل على النّبيّ صلى الله عليه وسلم.76 {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ}: اعتراض، و{لَوْ تَعْلَمُونَ} اعتراض آخر في هذا الاعتراض.81 {مُدْهِنُونَ}: منافقون، أدهن وداهن، ويقال: داهنت: داريت، وأدهنت: غششت.82 {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} أي: تجعلون جزاء رزقكم التكذيب، فيدخل فيه قول العرب: مطرنا بنوء كذا. وقيل: تجعلون حظكم من القرآن الذي رزقتم التكذيب به.83 {فلولا إِذا بَلَغَتِ} أي: هلا إذا بلغت هذه النّفس التي زعمتم أنها لا تبعث.86 {غَيْرَ مَدِينِينَ}: الدّين هنا: الطاعة والعبادة لا الجزاء، أي: فهلّا أن كنتم غير مملوكين مطيعين مدبّرين، وكنتم كما قلتم مالكين حلتم بيننا وبين قبض الأرواح ورجعتموها في الأبدان، وإلّا فلا معنى للعجز عن ردّ الرّوح في الإلزام على إنكار الجزاء.و{ترجعون} جواب لـ: {لولا} الأولى والثانية لأنّ المعنى متفق، ووجه الإلزام أنّ إنكار أن يكون القادر على النّشأة الأولى قادرا على الثانية كادعاء أنّ القادر على الثانية إنّما هو من لم يقدر على الأولى لأن إنكار الأولى يقتضي إيجاب الثاني كإنكار أن يكون زيد المتحرك، حرّك نفسه في اقتضاء أنّ غيره حرّكه.89 {فَرَوْحٌ}: راحة وبرد. وفي قراءة النّبيّ صلى الله عليه وسلم برواية عائشة، وقراءة ابن العباس، والحسن، وقتادة، والضحاك، والأشهب، ونوح القاري، وبديل، وشعيب بن الحربي، وسليمان التيمي، والربيع بن خثيم، وأبي عمران الجوني وأبي جعفر محمد بن علي، والفيّاض {فَرَوْحٌ} بضم الراء، أي: حياة لا موت بعدها.{وَرَيْحانٌ}: استراحة. أو رحمة. وقيل: رزق.وفي الحديث: «إنّ المؤمن إذا نزل به الموت يلقّى بضبائر الرّيحان من الجنّة فيجعل روحه فيها». اهـ.
.قال ملا حويش: تفسير سورة الواقعة:عدد 46 – 56.نزلت بمكة بعد سورة طه عدا الآيتين 81 و82 فإنهما نزلتا في المدينة، وهي ست وتسعون آية، وثلاثمائة وثمان وسبعون كلمة، وألف وسبعمئة وثلاثة أحرف، وقد أشرنا أول سورة التكوير عن السور المبدوءة بـ: (إذا)، روى البغوي بسنده عن عبد اللّه بن مسعود قال: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: «من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا».وكان أبو ضبّة لا يدعها أبدا، أخرجه ابن الأثير في كتابه جامع الأصول.وجاء في كتاب الأوراد للرفاعي رحمه اللّه أن قراءتها تكون بعد صلاة المغرب وأنها أمان من الفقر.وسنأتي في آخرها على ما يتعلق في هذا البحث.{بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}.قال تعالى: {إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ} قامت القيامة الكبرى، ووصفت بالوقوع لأن قيامها يكون غفلة بسرعة، كسقوط الشيء من العلو، وجاءت بلفظ الماضي لأنها محققة الوقوع لا محالة، ووقوع الأمر عبارة عن نزوله، تقول وقع به ما كنت أتوقعه أي نزل ما كنت أترقبه، وإذا منصوبة باذكر المقدّرة، أي اذكر يا محمد لقومك كيفية قيام القيامة التي {لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ} 2 أي أنها حين تقع لا تجد نفسا إذ ذاك إلا وتصدق بوقوعها بخلاف أهل زمانك، الآن الذين ينكرون وجودها، {خافِضَةٌ} لأقوام كانوا رفيعين في الدنيا متعالين على الناس تخفضهم إلى دركات جهنم بحسب أعمالهم الخبيثة {رافِعَةٌ} 3 لأناس كانوا وضيعين في الدنيا أذلاء مخبتين ترفعهم إلى أعالي درجات الجنان جزاء أعمالهم الحسنة.واعلم يا سيد الرسل أن إمارة قيامها {إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا} 4 اضطربت اضطرابا هائلا قويا فهدم كل بناء عليها {وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا} 5 فتّت فتا دقيقا {فَكانَتْ} على عظمها وشموخها {هَباءً مُنْبَثًّا} 6 غبارا متفرقا كالذر الذي يرى في شعاع الشمس إذا دخل من الكوة إلى الأرض {وَكُنْتُمْ} أيها الناس حينذاك {أَزْواجًا ثَلاثَةً} 7 صنفين في الجنة وواحدا في النار، وكل ما كان بعضه من بعض أو يذكر بعضه مع بعض يسمى زوجا، وإلا فأصناف وأنواع وأحزاب، ثم بينها بقوله عزّ قوله: {فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ} جانب اليمين الذين يأخذون كتبهم بأيمانهم فيؤخذ بهم إلى ذات اليمين وهي الجنة، وهذا الزوج الأول الذي يتعجب المتعجب من سعادتهم لكثرة ما يفيض اللّه عليهم من كرمه وإحسانه، ينبئك عن ذلك قوله تعالى: {ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ} 8 أي شيء عظيم هم عليه من السعادة الدائمة بما لا يتصوره المتصورون، وهذا التعجب تعظيم لشأنهم وتفخيم لقدرهم لأنهم كانوا في الدنيا ميامين مباركين، فجوزوا بالآخرة بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، يتعجب مما أعطاهم ربهم المتعجبون، ويتنافس فيما أفاض عليهم من كرمه المتنافسون {وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ} جانب الشمال الذين يأخذون كتبهم بشمالهم ويساقون لذات الشمال وهي النار أجارنا اللّه منها، وهذا الزوج الثاني الذي يتعجب المتعجب من شقائهم لعظيم الغضب الذي يحل بهم من عقاب اللّه وانتقامه ويخبرك عن عظم هوله قوله جل قوله: {ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ} شيء فظيع هم عليه وخطب كبير ألمّ بهم، بلغ منتهى الفظاعة، وهذا التعجب بليغ من سوء حالهم في الشقاء الذي لم يتصوره العقل وتحقير وتوبيخ لهم، لأنهم كانوا في الدنيا مشائيم أدنياء، ثم نوه بالزوج الثالث الذي هو الأول في المرتبة وقد أخره في الذكر لأنه تعالى ذكر أوائل هذه السورة القيامة وأهوالها ترهيبا للمسيء ليرجع عن إساءته وترغيبا للمحسن ليزداد في إحسانه، فقدم أصحاب اليمين ليرغب السامعون، وثنى بأصحاب الشمال ليرهبوا، وثلث بهذا الصنف الذي تتطاول إليه الأعناق، وتصيخ لما خصصوا به الأسماع، ليتشوقوا إليه منوها بفضلهم بقوله: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} 10 الأول مبتدأ والثاني خبره، أي إلى الجنة، لأنهم كانوا يتسابقون بأعمال الخير في الدنيا {أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} 11 لجوار اللّه وكرامته الكائنون غدا {فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} 12 بلا حساب ولا عتاب يدخلونها رأسا، وهؤلاء هم الذين لا يحزنهم الفزع الأكبر، ليجتهد (اللام هنا لام كي) أصحاب اليمين في التقرب لدرجتهم وليحزن أصحاب الشمال لبعدهم عنهم، وهؤلاء السابقون منهم {ثُلَّةٌ} جماعة كثيرة لأن التنوين يدل على التكثير كقوله:{مِنَ الْأَوَّلِينَ} 13 من لدن آدم إلى زمن محمد صلوات اللّه وسلامه عليهما {وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} 14 من بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة، لأن أمته بالنسبة لمن تقدمها من الأمم قليلون جدا، روى البخاري ومسلم عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال: «كنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في قبة نحوا من أربعين، فقال: أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قلنا نعم. قال أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟ قلنا نعم. قال: والذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة. وذلك أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مؤمنة مسلمة، وما أنتم من أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأبيض»، ثم طفق يبين ما أعده في تلك الجنان لهم فقال: {عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ} 15 منسوجة بالذهب موشاة بالجواهر المنيرة {مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ} 16 على السرر مع أحبابهم، ينظر بعضهم لوجوه بعض عند التخاطب والقعود، وهذا من أحسن أوصاف حسني العشرة صافي الوداد، مهذّبي الأخلاق، والعكس بالعكس، لأن من لا ينظر إليك عند ما تخاطبه لم يبال بك، ومن لا تنظر إليه عند مخاطبته لم تحترمه ولا تعبا به ففيها سوء خلق وقلة أدب وعدم محبّة من الطرفين، هذا ومما أعدّ لهم فيها أيضا خدم كثيرون بدليل قوله عز قوله: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ} 17 في سن الشبوبة لا يهرمون ولا يموتون خلقهم اللّه في الجنة لخدمة أهلها لا يتجاوزون حد الوصافة. .مطلب معنى المخلدين ومصير أولاد المشركين وآداب الأكل: واعلم أن لفظة (خلد) كما تدل على البقاء والدوام حقيقة تدل على التسوّر، أي لبس السوار باليد والقرط بالأذان، وعليه يكون المعنى مسورون مقرطون، ولو أراد اللّه تعالى معنى البقاء والدوام لقال خالدين كما قال في أهل الجنة ولا تجد في القرآن كله مخلّدين غير هذه، ولهذا أقول واللّه أعلم إن المراد بمخلدين المعنى الأخير، لأن الخادم إذا كان مزينا بالحلي يكون أنضر بعين المخدوم، ولهذا تجد أهل الدنيا يزينون عبيدهم بأحسن اللباس والسلاح المذهب، ولم يصف الحور العين بالتخليد لأن حسنهن أغناهن عنه، والغانية من اكتفت بحسنها عن التزين بالحلي، أي أنهم ليسوا كالحور العين من هذه الحيثية، وما قيل إن الولدان أطفال المؤمنين لا يتجه لأن اللّه تعالى قال: {أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} الآية 21 من سورة الطور الآتية، فذراري المؤمنين مع آبائهم في الجنة يخدمون، وهذا حكم اللّه فيهم ولا راد لحكمه، وما قيل إنهم أولاد الكفار الذين ماتوا قبل سن التكليف لا يصح أيضا، وقد اختلفت أقوال العلماء فيهم، فمنهم من قال إنهم في الجنة وهو الأقرب، لأن اللّه تعالى لا يعذب قبل التكليف، وإذ لم يعذبوا فهم ناجون، والناجون من أهل الجنة، لأن الأمر يدور بين الجنة والنار، فمن زحزح عن النار فقد دخل الجنة، راجع الآية 45 من سورة الأعراف المارة، ولهذا البحث صلة في الآية 184 من آل عمران، ما لم يكونوا من الذين سبق ذكرهم في تفسير الآية الأخيرة من سورة طه المارة، ومنهم من قال إنهم من أهل النار تبعا لآبائهم وهو بعيد، لأن اللّه أكبر من أن يعذب من لم يكلفه، وهم لم يبلغوا حد التكليف كيف وقد قال: {وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى} الآية 27 من سورة والنجم المارة وقوله تعالى: {وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} الآية 15 من سورة الإسراء الآتية، وإذا كان من لم تبلغه الدعوة والمجنون الكبير يسقط عنهم التكليف فيدخلون الجنة على ما هم عليه، فكيف بالطفل الذي لا يعقل شيئا، ومنهم من توقف فيهم وفوض أمرهم إلى اللّه ونعم المفوض إليه، فإنه أكرم من أن يعذبهم {بِأَكْوابٍ} متعلق بيطوف وهي الأواني التي لا عرى لها ولا خرطوم كالأقداح المستديرة {وَأَبارِيقَ} الأواني ذات العرى والخراطيم وهي معروفة، وسميت أباريق لبريق لونها وصفائها إذ يرى باطنها من ظاهرها {وَكَأْسٍ} هو الإناء المملوء شرابا وإلا فلا يسمى كأسا بل قدحا أو زجاجة {مِنْ مَعِينٍ} 18 نبع عين ظاهرة كثير ماؤها لا ينضب لأنها ليست من عمل البشر، وهؤلاء الذين يشربون هذا الشراب {لا يُصَدَّعُونَ عَنْها} لا يصيبهم صداع في رأسهم بسبب شربها كخمرة الدنيا القبيحة {وَلا يُنْزِفُونَ} 19 ولا تذهب عقولهم بسببها، ومعنى نزف الرجل ذهب عقله بالسكر، وقرئ بكسر الزاي، أي لا ينغذ ذلك الشراب مهما شربوا منه، فيكون الفعل من انزف ينزف بمعنى فني ونفد وخلص، وهذه التي يقول فيها ابن الفارض رحمه اللّه:إلى أن قال فيها:
|